كثير من البشر يواجهون *الملل* في الصوم والصلاة، وقد نبهنا الرب من (الملل) فالرب يعرف انها حرب ستواجه الانسان في مسيرته الروحية. "وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ،" (لو 18: 1).
أحيانا نواجه *الملل* في الصلاة والتسابيح وقد يتطور الامر عند البعض الي (*عدم القدرة*، واحيانا، *عدم الرغبة* في ممارسة الصلاة والصوم....الخ) وبالفعل الحياة الروحية تتسم بالجهاد، هذه حقيقة لا يمكن لعاقل انكارها
*وبدون قصد يحدث خلط* حيث ان بعض من الوعاظ (بدافع الحب) يلفتون نظر المخدومين (لازم تتعود علي الصلاة والتسبحة هنا) علشان لما تسافر السما (يكون ليك مكان ومتكونش غريب وتبقي منسجم) *وكنتيجة طبيعية* فإن بعض المخدومين حينما يسمعون تلك *الاوصاف الروحية* عن الملكوت السماوي، يحضر الي اذهانهم *اشكال الجهاد الروحي*، وبعضا من ما يحدث في الواقع مثل (مشاعر الملل ، او مشاعر التعب، او مشاعر عدم القدرة او مشاعر عدم الرغبة)
فتنعكس *(مشاعر المقاومة المذكورة سابقا)* علي افكارنا عن *(ملكوت الله الابدي)*
فيعاني البعض من (عدم التحمس للملكوت) (عدم التلهف للوصول للسماء) (عدم الاهتمام التفكير في ملكوت الله)
ولسان البعض يقول (هو احنا لسه هنصلي ونسبح فوق تاني؟!) ولو تجرأ البعض لكانوا سيقولون (هو احنا مش مكتوبلنا راحة)
*والسؤال*
*كيف يمكن معالجة هذا الأمر*؟! حيث ان الحق الكتابي يؤكد ان ملكوت السموات كله فرح لا يمكن وصفه، وسوف تكون الحياة هناك بدون الم ولا ملل، وانما سعادة غامرة لا يمكن لإنسان وصفها.
نحن نعيش بالجسد علي الارض في حالة غربة وهجرة عن وطننا الاصلي الذي هو ملكوت السموات، الأمر الذي يتطلب جهاد حقيقي فعلي من أجل العودة، حتي لا نتوه في ديار الغربة ولا نتمكن من العودة.
لذلك نحيا هنا علي الارض في حياة جهاد روحي يشمل كل الصلوات والاصوام وكل ما يخص حياة العبادة والتعبد. وندرب أنفسنا من خلال التغصب حتي ما نتعود أملا في الوصول الي التلذذ بـ الله، لذلك فالأمر ليس سهلا. وهنا يأتي الدور الجوهري لـ نعمة الله التي تسند الإنسان.
لكن سيواجه الإنسان متاعب ومحاربات وتحديات روحية من كل نوع، ومن ضمن ما يواجه الإنسان هو صعوبة الصلاة والملل منها احيانا، صعوبات في اعتناق الكثير من المبادئ الروحية السامية، فربما يصاب البعض بالملل في التسابيح وفي الصلاة ....الخ لدرجة تصل الي (عدم الغربة)
ومناسبه هذا الحديث، الخلط الذي يحدث حينما يصف البعض ملكوت السموات بانه حالة صلاة وتسبحه بشكل دائم في محضر الله: والمشكلة في بعضنا كأطفال روحيين نعاني من السذاجة الروحية، حينما نسمع تلك الاوصاف الروحية، فنتذكر (الملل) و (التعب) و (عوامل الجهاد الروحي الأخرى) وبالتالي تنعكس هذه المشاعر السلبية علي صورتنا الذهنية عن (ملكوت الله الابدي)
الإنسان في حياته علي الارض، يحيا بالروح والنفس والجسد معا، لذلك إمكانيات الروح مقيدة الي حد ما بقيود الجسد، والجسد له اثقال معروفة ومشهورة، نعم نحن في العالم، نعيش تحت اثقال الجسد
لذلك كانت الوصية الرسولية تقول
"اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ." (غل 6: 2).
الإنسان في حياته علي الأرض يحيا في جهاد دائم ضد اثقال الجسد من اجل حياته الروحية مع الله، انظروا ماذا تقول التعاليم الرسولية عن وصف المقاومة والجهاد ما بين الروح والجسد
"لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ." (غل 5: 17).
"فَإِنَّ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَبِمَا لِلْجَسَدِ يَهْتَمُّونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حَسَبَ الرُّوحِ فَبِمَا لِلرُّوحِ." (رو 8: 5).
"لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ،" (عب 12: 4).
"لكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلكِنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ." (1 كو 7: 28).
مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ،" (في 1: 27).
والجهاد ضد الخطية يمتزج بالألم، فهناك قيود جسدية حقيقية
"فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ،" (1 بط 4: 1).
"اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ." (عب 13: 3).
الحياة علي الارض تتسم بالغربة والهجرة، نعم فنحن غرباء
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ،" (1 بط 2: 11).
"لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ." (1 يو 2: 16).
"وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ." (يه 1: 23).
"فَإِذًا نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ، فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ." (2 كو 5: 6).
كل ذلك يحدث بشكل طبيعي اثناء الحياة الروحية في الارض تحت اثقال واعباء الجسد
ولكن حينما يسافر الانسان الي السماء يتحرر من كافة اثقال الجسد بكل ما يخصها
وتصبح روح الانسان التقي حرة متحررة في حالة اتصال دائم بـ الله ، اتصال بلا ملل ولا تعب ولا الم، وانما فرح دائم وسعادة غامرة