الحاجة الي الوعي بمفهوم اللغة + حدودها + وظيفتها

الله يتخطى كل فهم بشري، وما اللغة إلا تلك المَطيّة الطيّعة التي نمتطيها نحو ذاك الذي لا يمكن الوصول له في ذاته ولكن فقط الاقتراب منه في أعماله وصفاته. فاللغة، بالتعبير الآبائي سواء السكندري أو الكبادوكي، لا يمكنها الإحاطة بالله. وبالتعبير الحديث لبول تيليتش Paul Tillich فإن ذاك الذي يمسك بتلابيب الوجود ويضبط تناقضاته ليؤمن الوجود في مقابل العدم لا يمكنه أن يكون محصورا في لغة من نسيج هذا الوجود. لذا فالكلمة عند مارتن هيدجر Martin Heidegger لا يمكن أن تُشخصّن ولكنها تُختبَر في كينونتنا التي تعمل فيها.
ولعل الحاجة إلى الوعي باللغة ودورها وحدودها ودلالاتها تتزايد أمام النصوص التي يراها البعض لا إلهية كنشيد الأناشيد على سبيل المثال إذ يتوقفون عند الكلمات ودلالاتها الأولى في أذهانهم ليستبعدوا أن تكون تلك الدلالات من مصدر الحق والخير

الله هو مبدع اللغة ومؤلفها وواضعها

الله هو مبدع اللغة. والقدرة على التواصل بالكلمات هي إحدى السمات المميزة للبشر عن سائر المخلوقات. لقد ابتكر الله الكلمات ليخبرنا عن حقه ومحبته، وأيضا لكي نتشارك نحن محبته تجاه بعضنا البعض قولا وفعلا. والبلاغة في اللغة مكون أساسي لا غني عنه في أية لغة، وبدونها يصبح الكلام جافا بلا روح. لم يستخدم أحد اللغة بيئة مثلما فعل خالقها وموجدها في كتابه الموحى به للبشر بأنفاسه الإلهية. وعندما نتمكن من فهم أساليبه البلاغية ومحسناته البديعية سنرى غنى وعظمة محبة الله، وسيصل إلينا الحق المتجسد فيه بصورة أكثر وضوحا.